اقرأ و اعتبر
08-04-2013
الحمد لله بعد الضلال ، ولولا رحمة الله بي لقضيت ما تبقى من العمر سعيا وراء متاع الدنيا الذي لا ينفعني يوم تريد جهنم المزيد و يوم تشتعل نارا وقودها الناس و الحجارة ، فهذا اليقين بث الذعر في قلبي فانجلى عني الغمام وهذا قبل أسابيع مضت كنت لم أستجب لنداء الرحمن لأنني منهمك في محلي أقدم الخدمات الفانية للزبائن ، أبذل قصارى جهدي لإرضائهم ، فانشغلت عن تأدية الصلاة في وقتها ، و لم يحدث أن تناولت وجبة الإفطار في موعدها ، لأني آخر من يغلق المحل لأقطع مسافة مدتها أكثر من نصف ساعة ، و بالتالي لم أمتثل لوصية الرسول صلى الله عليه و سلم الذي حثنا على التعجيل بالإفطار و الإسراع إلى تأدية صلاة المغرب مع الجماعة ، فوّت على نفسي فرصا كثيرة للذكر والعبادة لأن معظم أوقاتي كنت أقضيها في المحل كي أجني المزيد من المال لأن رمضان بالنسبة لي فرصة ثمينة ، فالتجارة تروج على غير العادة في هذه المناسبة ماجعلني لا أرى من الدنيا إلا أكوام الأوراق النقدية ، و في عشية حضر إلى المحل رجل مع ابنه الصغير و كانا بصدد اقتناء بعض المشتريات ، و إذا بصوت الحق ينادي لصلاة العصر فقال الابن لأبيه " لا أظن يا أبي أن هذا الوقت الضيق سيكفينا لنصلي في المسجد فهيا بنا و لنترك هذه المهمة إلى بعد انقضاء الصلاة "، فأجابه الأب: " أحسنت يا بني هيا بنا " لقد استجاب له و انصرفا بعدما أخذا معهما قلبي و عقلي ، في تلك اللحظة اعتذرت للزبائن و صرفتهم عن المحل ، و أطبقت الأبواب و أسرعت إلى أقرب مسجد ، كانت أول مرة في شهر رمصان أقيم هذه الصلاة في وقتها و في المسجد ، فعلت ذلك و بعدما خرجت من المسجد شعرت بالندم على ما فات من عمري ، و عقدت العزم ألا أقدم أمور الدنيا على العبادات و الطاعات و العبرة لمن يعتبر .